يحكى أن ملكا عظيما كان يحب رعيته جدا , وكان بين الحين والآخر يتفقد
رعيته , لدرجه أنه كان يتخفى غير معلنا ذاته من أجل الوقوف على حقيقة
أوضاع الرعية بدقة :
" أطلب الضال أسترد المطرود وأجبر الكسير
وأعصب الجريح .. " ( حز 16: 34 )
مدينته , واختار أحد البيوت الفقيرة جدا والتى يدل عليها علامات البؤس والفقر
الشديدين وقرع الباب .
" ها أنذا واقف على الباب وأقرع . ان سمع أحد صوتى
وفتح الباب أدخل أتعشى معه وهو معى " ( رؤ 20: 3 )
وعندما فتح له الباب وجد رجلا يجلس على الأرض وسط الأتربة فجلس بجواره
وأخذا يتحدثان معا . وتكررت هذه الزيارات من الملك عدة مرات لهذا الرجل
وذات مرة أتخذ شكل رجل فقير , مرتديا ثيابا بالية وذهب الى أفقر أحياء
الفقير لدرجة أن هذا الرجل تعلق بالملك جدا وصارا صديقان . وكان الرجل
يحكى للملك ( دون أن يعرفه ) عن أسراره وأتعابه كلها .
" أمل أذنك الى المسكين وأحبه برفق ووداعة " ( سيراخ )
وبعد فترة من الزمن قرر الملك أن يعلن لصديق الرجل الفقير عن حقيقته
فقال له : أنا لست فقيرا مثلك , فالحقيقة أنى أنا هو الملك . انك تستطيع أن
تكون غنيا , أننى أستطيع أن أصدر أمرا بتعينك فى وظيفة كبرى أطلب منى
ما شئت وأنا أحققه لك .. !
" يقيم المسكين من التراب .. يرفع الفقير من المزبلة .. " ( 1 صم 8: 2 )
" لأنى أنقذت المسكين المستغيث واليتيم
ولا معين له " ( أى 12: 29 )
" أنا أوصيك قائلا افتح يدك لأخيك المسكين
والفقير فى أرضك " ( تث 11: 15 )
" لأنه لا ينسى المسكين الى الأبد " ( مز 18: 9 )
" طوبى لمن ينظر الى المسكين
فى يوم الشر ينجيه الرب " ( مز 1: 41 )
فأجابه الرجل الفقير قائلا : ما هذا الذى فعلته معى ياسيدى .. ؟
أتترك قصرك وتتخلى عن مجدك وتأتى لتجلس معى فى هذا الموضع .. ؟
وتشاركنى همومى وتقاسمنى أحزانى .. ؟
لقد قدمت لكثيرين من رعاياك عطايا ثمينة , أما أنا فقد وهبت لى ذاتك .. !
ان طلبتى والوحيدة هى أن لا تحرمنى منك , وأن تظل دائما صديقى الذى أحبه
ويحبنى .
" و أحببتهم كما أحببتنى " ( يو 23: 17 )
" وعرفتهم أسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب
الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم" ( يو 26: 17 )
هذا ما عمله المسيح معنا
اذ أخلى نفسه آخذا صورة عبد , وأتخذ جسدا وعاش به على أرضنا
بذل نفسه فدية لأجلنا
فهل أدركت معنى ما فعله المسيح لأجلك .. ؟
هل تطلب هدايا وعطايا من هذا الملك .. ؟
أم أنك تطلب المعطى نفسه .. !
فما أكثر المرات التى نهتم فيها بعطايا الرب
وليس بالرب المعطى .. !
" من أجل ذلك لا تكونوا أغبياء بل فاهمين
ماهى مشيئة الرب " ( اف17: 5 )
صلوا من اجل المنتدى