" وَشَاخَ إِبْرَاهِيمُ وَتَقَدَّمَ بِهِ الْعُمْرُ. وَبَارَكَ الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِرَئِيسِ عَبِيدِهِ، الْمُتَوَلِّي جَمِيعَ شُؤُونِ بَيْتِهِ: "ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي، فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلَهِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَنْ لاَ تَأْخُذَ لابْنِي زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِيْنَ أَنَا مُقِيمٌ فِي وَسَطِهِمْ "
أراد إبراهيم أن يزوج إسحاق من عشيرته، وكان هذا أمرا مقبولا في ذلك العهد، لتجنب الزواج من الجيران الوثنيين. وكان الوالدان عادة يختاران زوجة لابنهما. وكان من المعتاد أن تتزوج المرأة في سن 12 أو 13 سنة، وإن كان الأرجح أن رفقة كانت أكبر من ذلك.
"فوضع العبد يده تحت فخذ سيده إبراهيم وحلف له على ذلك"، كانت هذه هي العادة المتبعة لتوثيق العهد، مثل الشد على اليد الآن.
كانت البئر، المصدر الرئيسي لاستقاء الماء، تقع عادة خارج البلدة على الطريق الرئيسي. فكان على الناس أن يسيروا كيلومترا أو أكثر للحصول على الماء، فلم يكونوا يستطيعون استخدام ماء سوى ما يطيقون حمله إلى بيوتهم. ولابد أن رفقة كانت تذهب إلى البئر مرتين يوميا لتجلب الماء لعائلتها. وكان الفلاحون والرعاة يأتون من الحقول المجاورة لاستقاء الماء لمواشيهم، فكان موقع البئر أفضل مكان لمقابلة أصدقاء جدد، والحديث مع القدماء منهم.
هل كان من الصواب أن يطلب عبد إبراهيم من الله علامة مثل هذه؟ لم تكن العلامة التي طلبها شيئا غريبا عن المألوف. فكان واجب الضيافة في تلك الأيام يقضي أن تعرض النساء الماء على المسافرين المتعبين، ولكن ليس لمواشيهم. ولكن أليعازر طلب من الله أن يكشف له عن امرأة ذات موقف متميز بالمروءة والاستعداد للخدمة الحقيقية، امرأة تتجاوز ما ينتظر منها. فكان العرض بأن تسقي جماله أيضا دليلا على الاستعداد للخدمة. فلم يطلب أليعازر امرأة ذات جمال أو ثروة، لأنه يعرف أهمية القلب الصادق، كما عرف أهمية أن يطلب من الله أن يعينه في مهمته.
كانت رفقة جميلة شكلا، ولكن العبد كان يريد علامة تدل على الجمال الداخلي. لاشك في أن المظهر هام لنا، حتى إننا نصرف وقتا ومالا لإبرازه وتزيينه. ولكن كم نبذل من الجهد لتحسين جمالنا الداخلي؟ فالصبر والرحمة والفرح هي عناصر الجمال التي تساعدنا على أن نبدو ذوي جمال حقيقي .. الجمال الداخلي.
لقد ظهرت "روح الخدمة" لدى رفقة بوضوح، في إسراعها لاستقاء الماء لأليعازر وجماله. وكانت الجرار التي تحمل فيها المياه كبيرة وثقيلة، فكانت تسع كمية من الماء تكفي لإشباع جمل عطشان (يلزم لكل جمل نحو 100 لتر ماء بعد رحلة أسبوع) فكان أليعازر يتطلع إلى صورة حية لإنسان ذي قلب مستعد للقيام بأكثر من المنتظر منه.
حالما أدرك خادم إبراهيم أن الله قد استجاب لصلاته، شكره على صلاحه وإرشاده. إن الله سيستخدمنا ويقودنا إن كنا نظهر استعدادنا له، لكن يجب أن يكون أول رد فعل لنا هو الحمد والشكر على إرادة الله أن يعمل فينا وبنا.
عندما قص أليعارز قصته على لابان، تكلم بوضوح عن صلاح الله. وقد نعمل نحن على العكس من ذلك إد نخاف أن يساء فهمنا أو يرفضنا الآخرون، أو أن يقول الناس عنا إننا متطرفين دينيا. وبدلا من ذلك يجب أن نشارك الآخرين بوضوح أعمال الله من أجلنا.
إن عبارة "لترث ذريتك مدن مبغضيها" تعني "لتقهري كل أعدائك".
عندما عرفت رفقة أن الرجل المقبل عليهم كان هو إسحاق، الذي سيتزوجها، كان رد فعلها موافقا لعادتين شرقيتين : لقد نزلت عن جملها مبينة مدى الاحترام، ووضعت حجابا على وجهها بصفتها العروس.
[center][right